تعرف على والدهما عبر جهاز الكينود وحدد له الموقع شاب يعثر على فتاتين تائهتين في صحراء رفحاء وينقذهما من الهلاك إبراهيم الجنيدي من حائل - تصوير: نايف السلحوب
عثر شاب على فتاتين تائهتين بعمر الزهور (12 سنة و5 سنوات) في صحراء
رفحاء – شمال أعيوج لينة – في إحدى الفياض المكتسية بالخضرة، وهو في طريقه
إلى رفاقه المخيمين قرب ذلك المكان بعد أن توقف لأداء صلاة المغرب، وإذ به
يلمح زولا يتحرك بمسافة ليست بالبعيدة من موقع صلاته، فذهب إليه ليتأكد
منه فإذا هي الفتاة الكبرى تحتضن أختها في العراء وقد أوشكا على الهلاك
ونال منهما التعب ما نال.
وقال لـ "الاقتصادية2" الشاب أحمد فهد الفوزان منقذ الفتاتين التائهتين
وهو في الـ 22 من العمر، والمولع بالرحلات البرية، إنه بعد اقترابه للفتاة
ورؤيته المنظر الذي تعيشه الفتاتان قد أصيب بالذهول، وزاد "فاقترب قليلا
وألقى السلام عليهما ولم ترد الفتاة وبادرها بسؤال لماذا أنت هنا؟ يقول:
فردت علي بصوت يملؤه الخوف من المجهول "أنا تائهة"، وسألتني هل لديك ماء
للشرب فصعدت إلى حوض سيارتي وأنزلت كرتون ماء صحة بالقرب منها فشربت أول
وثاني وثالث قارورة ولم تسترد أنفاسها إلا في القارورة الرابعة التي خصصت
نصفها لغسيل وجه الطفلة التي ترافقها".
وأشار الفوزان إلى أن المشهد الذي رآه لم يتخيل له أنه يراه في حياته
وأردف قائلا"عندما شاهدت حالة عطش الفتاة وطريقة شربها للماء تيقنت أنها
بالفعل ضائعة وبادرتها بسؤال عندما استردت أنفاسها "أين أهلك" فردت بصوت
حاد"إيش دراني لو كنت أعلم أين هم لم تجدني في هذه الصحراء"، وقالت "خرجت
من مخيم عائلتي لكي تقضي شقيقتي حاجتها في الخلاء وابتعدنا عن المخيم
قليلا وأخذنا نسير من الصباح حتى وصلنا هذا الموقع". يشار إلى أن الفياض
في موقع أعيوج لينة تتشابه وكأنها موقع واحد.
فسألتها هل لدى أهلك أجهزة "جارمن"أو هاتف الثريا أو النداء اللاسلكي التي
يستخدمها عادة هواة الرحلات البرية، فقالت لا أعرفها فأخرجت لها الأجهزة
من سيارتي فأجابت أن لديهم جهاز النداء اللاسلكي وفورا قمت بتشغيل الجهاز
وهي تراقبني على مسافة ليست بالقريبة مني ووضعت الجهاز على القناة العامة
التي عادة يجتمع فيها جميع من يملك هذا الجهاز وأخذت أنادي وأناشد بأنني
وجدت فتاتين من يعلم عن أهلهم شيئا فليخبرني.
وواصلت على هذه الحالة لمدة خمس دقائق إلى أن جاوبني شخص قائلا "قبل
ساعتين كان هناك شخص ينادي بحرقة عن ضياع فتاتين وزودني بتردد قناتهم
الخاصة على جهاز النداء اللاسلكي وذهبت لنفس التردد وقمت بالإعلان إلا
أنني لم أجد إجابة من أحد على تلك القناة.
وذهبت لقناة أصدقائي الخاصة التي كنت متفق أن أتواجد معاهم عليها وناديت
فأجابوني وقلت لهم "أنا بالقرب منكم ألا أنه في طريقي وجدت فتاتين تائهتين
وأنا الآن أبحث عن عائلتهم وعليكم مساعدتي في العثور عليهم من خلال
الانتشار في جميع القنوات على جهاز النداء اللاسلكي وبالفعل قاموا
بمساعدتي على ذلك وقمت أنا بالعودة للشخص الذي ذكر لي أنه سمع قبل فترة
شخصا يعلن فقدانه للفتاتين وطلبت منه أن يتراسل مع الشخص المطلوب وبالفعل
تراسل مع الشخص المطلوب وطلبت منه أن يطلب من أهل الفتاتين الصعود لمكان
مرتفع حتى أستطيع محادثتهم.
وبالفعل صعد أهل الفتاتين لمكان مرتفع وحادثتهم على قناتهم الخاصة وطلبوا
مني إحداثية موقعي وزودتهم بها عن طريق جهاز "الجارمن" ورد علي بأن
المسافة بيني وبينهم 26 كيلو مترا وعلي الانتظار 10 دقائق حتى يصلوا لي.
وأضاف "عندها أحسست بارتياح كبير وقمت بإنزال شنطة العزبة الخاصة بي
وأشعلت النار وجهزت الشاي والقهوة وأنزلت خضروات وفواكه وأنواع من
بسكويتات كنت أحملها لأصدقائي واقتربت الفتاة الكبيرة وبرفقتها شقيقتها
وأكلتا من الفاكهة والبسكويت ولم يمض 20 دقيقة حتى اقتربت سيارة أهل
الفتاتين من الموقع ونزل والدهما ووالدتهما وشقيقهما ودخل الجميع في موجة
بكاء وهم يحضنون بعضهم البعض".
وبعد أن هدأ الجميع تقدم لي والد الفتاتين وقدم لي الشكر والامتنان على ما
قمت به من صنيع رغم أن ذلك أقل ما يقام به تجاه هذه الحالات، وأصر علي
بمرافقتهم إلى مخيمهم فذهبت معهم وتناولت القهوة واستأذنت للتوجه إلى
أصدقائي الذين هم في انتظاري وأصر علي بتناول الغداء معهم في الغد فاعتذرت
منه رغم إصراره علي إلا أنني أكدت له بأننا في نزهة برية ونريد أن نقضي
أوقاتنا من دون ارتباطات ورسميات، فأحضر خروفا ووضعه في صندوق السيارة إلا
أنني أنزلته وبين إصراره ورفضي انتهى الأمر بأن أقنعته بأن ما قمت به هو
الواجب على أي شخص مسلم عربي.
وأشار الفوزان الطالب في الكلية الصحية في حائل، إلى أنه بعد أن وصل
لأصدقائه قام والد الفتاتين بالنداء عليهم أكثر من مرة والإلحاح بتناول
وجبة الغداء لديهم إلا أن الجميع اعتذر بحجة أنهم خارجون للتنزه
والاستمتاع بالحياة البرية بعيدا عن أي ارتباطات.
من جهته، أكد عبد الرحمن العصفور خال الشاب أحمد الفوزان أن التربية
والنشأة التي نشأ عليها ابن شقيقته كان لها دور كبير في تشكيل شخصيته
وتمسكه بمكارم الأخلاق التي نشأ عليها خاصة أن والده فهد عمار الفوزان من
الذين خدموا التربية والتعليم في المنطقة لأكثر من 40 عاما، وأضاف "تأتي
هذه القصة لتثبت من جديد تمسك أبناء المنطقة بالقيم والمبادئ الإنسانية
التي حث عليها الدين الإسلامي".
وأوضح صالح فهد الفوزان الشقيق الأكبر لأحمد أن شقيقه بدت عليه معالم
الرجولة والتعلق بمكارم الأخلاق من نعومة أظافره، وقال تأتي هذه القصة
دليل ماثل على ما يجب أن يتحلى به الشاب السعودي من نخوة وشهامة وحمية.