خطوات عملية للتدبر الأمثل
إعداد: د.وفاء العساف
*تعريف التدبر: هو عملية تأملية للآيات، حيث نهتدي بها علماً وعملاً.
*الهدف منه: العمل بالقرآن، لذا لابد من التركيز في تعليم القرآن على: الهدف من القرآن، والهدف من تدبره.
*أقسام الناس في التدبر:
1- تدبر العامة:وهو التأمل الظاهر للآيات.
2- تدبر الخاصة: وهو التأمل العميق للآيات.
*ملحوظات:
- لابد أن يكون للإنسان ورد يومي من القرآن - سواءً صفحة، أو أكثر، أو أقل - يقرأها بتأمل وتدبر.
- لا تكاد تخلو صفحة من القرآن إلا وفيها ذكر لله تعالى، وتعريف به.
- نستفيد من الذكر بـــ: مراقبة الله تعالى في كل حال؛ لأن الله دائماً يرانا ويسمعنا، لذا فلا بد أن نتذكر الله في كل حال.
- لا مانع من سؤال الطالبات بعد سماعهن للنصاب أول مرة عن: ماذا فهمت من الآيات المقروءة؟ وماذا يريد الله منا؟ بشرط توجيهها إن أخطأت، وعلى المعلمة أن تكون محضرة للنصاب سابقاً، لذا فلا بد للمعلمة أن تربي نفسها، وتربي طالباتها، وتربي الجميع على تعظيم قدر القرآن، وعلى ماذا يريد الله منا في القرآن؟
- معنى قول الله تعالى: (اتقوا الله حق تقاته) : أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى.
- متى يعتبر الإنسان نفسه محسناً؟ إذا استحضر النية في كل عمل.
- لابد من استحضار الآيات عند قراءتها حتى يزيد الإيمان، وبعد ذلك سيكون لقراءة القرآن وقع آخر، وإذا لم يتغير القلب من قراءة القرآن فلا بد من إعادة النظر في طريقة القراءة.
- القرآن روح، ومن ليس مع القرآن فهو ليس فيه روح.
- من أراد تدبر القرآن فعليه أن يبدأ في تدبر المفصل، ثم يكمل التدبر في باقي القرآن، ولا بد أن يشتغل الإنسان على نفسه في التدبر، ثم يفيد غيره؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
- سبب تسمية المفصل بذلك:لأنه كثيراً ما يفصل بين سوره بالبسملة.
- ما ورد في الحديث من قوله تعالى: ( يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارتق...) فإنها تشمل – بإذن الله - الحافظ وغير الحافظ كما قال بذلك كثير من العلماء.
- لماذا نحفظ القرآن؟
السبب الأساسي: لأن الإنسان الحافظ سيستحضر الآيات في المصائب والمواقف؛ لأنه حافظ لها.
*الفرق بين التدبر والتأثر:
التدبر حالة عقلية، والتأثر حالة وجدانية تخضع للانفعالات.
*كتب تفيد في تفعيل التدبر:
الكتب التي تفيد حقيقة في التدبر هي:كتب التفسير، ومن أمثلة التدبر التي ذكرت في كتب التفسير: سبب ترتيب الأنبياء في الآيات، ويضاف لكتب التفسير الكتب التالية:
1- فن التدبر لعصام العويد.
2- مفهوم التدبر في أضواء القرآن والسنة وأقوال السلف وأحوالهم لد: محمد الربيعة.
3- تدبر القرآن لسلمان السنيدي.
*عملية التدريب على التدبر:
1- معرفة الكلمات الغريبة في الآيات، لذا فلابد أن أرجع لكتب الغريب، كـــــــ: المفردات[1]، الصحاح، مختار الصحاح، لسان العرب، وإذا لم يتيسر أرجع لـــ: المصباح المنير- وهو كتاب مختصر في الألفاظ- .
*تصنيف كتب الغريب حسب المستويات:
· الابتدائي: غريب القرآن+ السراج المنير.
· المتوسط: السراج المنير+ التفسير الميسر.
· الثانوي: السراج المنير+ السعدي.
· الجامعي: السراج المنير+ مختصر تفسير ابن كثير، مثل: مختصر الرفاعي، واختصار: محمد كنعان، وبعضهم اقترح اقتراح آخر مثل: أيسر التفاسير.
2- معرفة أقوال السلف في الآية، ومعرفة الكتب التي وردت فيها هذه الأقوال، مثل: جامع البيان للطبري، الدر المنثور للسيوطي، المصباح المنير.
لذا فلابد أن أعرف ماذا قال السلف حول الآية؟ لأن الغالب أن معنى الآية لا يخرج عن أقوالهم.
3- محاولة فهم مقصود السورة أو موضوعها عن طريق:
أ:الاطلاع على بعض كلام السلف في مقصود السورة.
ب:قد يُفهم مقصود السورة من مقدمتها.
ج:جمع الآيات واستخلاص المواضيع، وأحيانا السورة الواحدة قد يكون فيها أكثر من موضوع، وهنا نحتاج لجمع آيات كل موضوع على حدة، وهذا كله بلا تكلف، ويحتاج إلى تدريب.
مما يفيد فيما سبق ما يلي:
· محاضرة بعنوان: مقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسير لصالح آل الشيخ.
· تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور، وهو غالباً ما يجمع مقاصد السور.
· الكشاف للزمخشري، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي، والبحر المحيط لأبي حيان: هذه التفاسير السابقة غالباً ما تعتني بـــ: المقاصد، والمناسبات بين الآيات، والنكتات. ومن المهم ألا نلتفت في تفسير أبي حيان للنحو؛ لأننا لا نحتاجها في التدبر.
· روح المعاني للألوسي: يهتم بالمناسبات في أول السورة وآخرها، وكذلك بعض النكتات، ويجعل تفسيره الإشاري منفصل، وإن كان التفسير الإشاري عنده له فيه شطحات، لذا فلا نعتبر بتفسيره الإشاري.
4- التعرف على الأحكام الواردة في الآية، ونرجع في ذلك للقرطبي في كتابه: الجامع لأحكام القرآن، ومع أن القرطبي مالكي المذهب إلا أنه لا يتعصب لمذهبه.
5- محاولة جمع الموضوع الواحد المتفرق في القرآن لمعرفة تفاصيله كاملاً، وهذا ما يسمى بـــ: التفسير الموضوعي، فمثلاً إذا شرحت قصة موسى uفي سورة معينة، فإنه من المهم أن أعرف القصة في سائر القرآن؛ لتكون القصة كاملة، ولنتعرف على تسلسل الأحداث.
ومن المراجع التي نستفيد منها في ذلك:
· أضواء البيان للشنقيطي، فهو جيد لجمع الآيات في موطن واحد.
· تفسير ابن كثير، فهو يجمع كثيراً من هذا الشتات، وتفسيره كأنه خلاصة لجامع البيان، وأجود تحقيق لتفسير ابن كثير هو تحقيق: سامي السلامة.
6- الإشارة إلى القراءات المشهورة في الآية، سواء كانت القراءات السبع أو العشر المتواترة - ، ومما يفيد في ذلك: مصحف القراءات العشر المتواترة، ويكتفى في ذلك بـــ: الكلمات الفرشية فقط، دون التعرض للأصول، حتى وإن لم تنسب لأصحابها.
7- ذكر فضائل السور، وينبغي عدم الرجوع لكل ما قيل في كتب التفسير من فضائل السور؛ لأن غالبها ضعيف، وتوجد رسالة دكتوراة جيدة تفيد في ذلك بعنوان:موسوعة فضائل سور وآيات القرآن للطرهوني، مكونة من جزءين، فيكتفى بها.
8- ذكر أسباب النزول، وأجود ما كُتِب فيها ما يلي:
· كتاب: الصحيح المسند من أسباب النزول للوادعي، وتوجد نسخة منه محققة.
· رسالة دكتوراة بعنوان: المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب رواية ودراية، لخالد المزيني، دار ابن الجوزي.
9- التعرف على دلالة حروف المعاني: (في، على، من، ...) التي تربط بين الكلمات، فإن معرفتها أثناء التفسير مهم، والكتاب الذي يكفينا في الرجوع لها هو كتاب:المراحل الثمان لطالب فهم القرآن لعصام العويد.
10- الاهتمام بسياق الآيات - السباق واللحاق - لأن فهم الآيات قد يرتبط بفهم السياق كاملاً، ومما يفيد في ذلك:
التحرير والتنوير لابن عاشور، فإنه يعتني بالسياق كثيراً، وكذلك يهتم بالمناسبات.
* ملحوظة:
- المحرر الوجيز لابن عطية لا يُغفل؛ لأنه أحياناً يفسر اللفظة، والسياق الذي جاءت فيه.
11- التعرف على النواحي البلاغية الواردة في الآيات، وممن يهتم بالنواحي البلاغية:
أبي السعود في تفسيره: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، وكذلك الزمخشري في تفسيره: الكشاف، لكن ينبغي أن نأخذ النواحي البلاغية عندهما بدون أن نتكلف فيها، ومن ثَمَّ لابد أن نرجع لها في كتب التفسير الأخرى، فإن ذُكِرَت أخذنا بها، وإذا لم تُذْكِر لا نأخذ بها.
12- العناية بتدوين الأخبار التي تأتي أحياناً أثناء القراءة في التفسير، مثل: حدث في التاريخ، وذلك لأن ربط الأحداث بعضها ببعض يعطي قوة في تربية الطالبات، ومثلها بعض الآثار، وكذلك المرويات، ونحو ذلك، بشرط توثيق الغريب منها، مع العلم أن الاكتفاء بالصحيح فيه غنية.
13- الرجوع لكلام ابن تيمية وابن القيم في الآيات، والتفسير الذي يمتاز بجمع أقوالهم غالباً هو: محاسن التأويل للقاسمي، فيكفي الرجوع لهذا التفسير عن الرجوع لكتبهم المتنوعة.
الخلاصة: أن الخطوات السابقة عبارة عن فهم الغريب، ثم يليه الاستنباط، لنصل أخيراً إلى التدبر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- للراغب الأصفهاني، ويتميز الكتاب بسهولة التعامل معه.
*الضابط في التدبر:
1- الوقوف عند المعقول، وعدم الدخول في الغيبيات.
2- إذا خالف التدبر النص وكان النص صحيح فهنا يُرد التدبر.
3- إذا خالف التدبر سياق الآيات فهو مردود.
4- إذا نافى التدبر أقوال السلف في التفسير فهو مردود.
*موانع التدبر:
· القراءة بغفلة.
· المعاصي.
س:كيف نجمع بين التدبر وقصر وقت الحلقة:
ج: علينا أن نختار في مقرر القرآن للفصل الدراسي الواحد عدة قيم تكررت فيه، ونركز عليها، ونناقش الطالبات بها، ونتابعهم فيها، وأما بقية المفاهيم فإننا نتركها.
س: ما علاقة التجويد بالتدبر؟
ج: قراءة القرآن بطريقة جيدة مجودة تؤثر في التدبر، خصوصاً في الوقف.
س: هل المتشابه له علاقة بالتدبر؟ وما الفرق بين المحكم والمتشابه؟
ج: نعم المتشابه له علاقة قوية بالتدبر،
والفرق بين المحكم والمتشابه: أن المتشابه هو الذي لا يُعرف المراد منه مباشرة. أما المحكم عكسه وهو الذي يعرف المراد منه مباشرة، ولذا سمي القرآن محكماً: لأن معظم الآيات واضحة متعلقة بالله تعالى وبوحدانيته.